لحمايته من انتشار عوامل ضعفه أو تفككه أو فقدانه هويته بذوبانه في هوية ثقافات أجنبية أخرى، وقيد كل هذه المهام بأن تكون وفق هداية الله تعالى والتزام شريعته.

منزلة الحسبة في نظام الحكم الإسلامي:

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وَجَمِيعُ الْوِلَايَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ إنَّمَا مَقْصُودُهَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وِلَايَةُ الْحَرْبِ الْكُبْرَى: مِثْلُ نِيَابَةِ السَّلْطَنَةِ وَالصُّغْرَى مِثْلُ وِلَايَةِ الشُّرْطَةِ: وَوِلَايَةُ الْحُكْمِ؛ أَوْ وِلَايَةُ الْمَالِ وَهِيَ وِلَايَةُ الدَّوَاوِينِ الْمَالِيَّةِ؛ وَوِلَايَةُ الْحِسْبَةِ " (?).

وهذه العبارة تصف بدقة منزلة الحسبة في الإسلام، فجميع الولايات الإسلامية وجدت لهدف تحقيق الحسبة بمعناها العام، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا بمعناها الخاص وهو الولاية الخاصة التي تسمى ولاية الحسبة، وهي التي تختص بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نطاق ضيق محدد.

والدليل على أهمية مكانة الحسبة بمعناها العام، قوله تعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (41) سورة الحج.

ومعلوم أن الصلاة والزكاة من المعروف الذي يأمر به، فقد جعل الله تعالى في هذه الآية الغاية النهائية من التمكين في الأرض الذي أمر الله به المؤمنين، وأمر باتخاذ وسائله من الجهاد ونصب الإمام وإقامة الولاية، هو تحقيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولهذا فإن المقصود بالإمامة في الشريعة إقامة الدين، والدين هو فعل المعروف والأمر به، وترك المنكر والنهي عنه، كما قال شيخ الإسلام أيضاً: (يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها) (?).

ومعلوم أن الدولة في الإسلام أصل وجودها لتحقيق الحسبة بمعناها العام، وهي أيضاً أعني الحسبة أمانة في عنق الأمة، كما قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ .. } (110) سورة آل عمران.

والدولة إذا عطلت هذا الأمر - وهو الأمر الذي نسب إليه نظام الدولة في الإسلام في النصوص التي جاءت بلفظ (أولي الأمر) - فقدت أصل مشروعيتها، بل سبب وجودها الشرعي، ولهذا جاء في الحديث: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ» (?)،فـ (الأمر) هو الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015