وعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: {شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ} (?). وَذَمُّ الْجُبْنِ يُوجِبُ مَدْحَ الْإِقْدَامِ وَالشَّجَاعَةِ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الدِّينِ وَإِنْ أَيْقَنَ فِيهِ بِالتَّلَفِ؛ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

خَامِسًا - الِاحْتِسَابُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ (?):

40 - أَهْلُ الذِّمَّةِ (?) عَاهَدُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ , إذْ هُمْ مُقِيمُونَ فِي الدَّارِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْهُدْنَةِ فَإِنَّهُمْ صَالَحُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا فِي دَارِهِمْ , وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ , وَبِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِينَ فَإِنَّ إقَامَتَهُمْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ لَهَا , وَلِذَلِكَ كَانَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُمْ دُونَ هَؤُلَاءِ (?).

وَمِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ أَنَّهُمْ إنْ أَقَامُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ مَا يُحْتَسَبُ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , وَلَكِنْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيمَا لَا يُظْهِرُونَهُ فِي كُلِّ مَا اعْتَقَدُوا حِلَّهُ فِي دِينِهِمْ مِمَّا لَا أَذَى لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَاِتِّخَاذِهِ , وَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ , فَلَا تَعَرُّضَ لَهُمْ فِيمَا الْتَزَمْنَا تَرْكَهُ , وَمَا أَظْهَرُوهُ مِنْ ذَلِكَ تَعَيَّنَ إنْكَارُهُ عَلَيْهِمْ , وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (?). وَإِذَا انْفَرَدُوا فِي مِصْرِهِمْ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ فِي الْقُرَى , وَلَوْ كَانَ مِنْ بَيْنِ سُكَّانِهَا مُسْلِمُونَ , لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوْضِعِ إعْلَامِ الدِّينِ مِنْ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَتَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ.

وَإِذَا أَظْهَرُوا شَيْئًا مِنْ الْفِسْقِ فِي قُرَاهُمْ مِمَّا لَمْ يُصَالِحُوا عَلَيْهِ مِثْلَ الزِّنَى وَإِتْيَانِ الْفَوَاحِشِ مُنِعُوا مِنْهُ , لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدِيَانَةٍ مِنْهُمْ , وَلَكِنَّهُ فِسْقٌ فِي الدِّيَانَةِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ حُرْمَةَ ذَلِكَ كَمَا يَعْتَقِدُهُ الْمُسْلِمُونَ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015