و"التعزير بالعقوبات المالية" مشروع أيضًا في مواضع مخصوصة في مذهب مالك في المشهور عنه، ومذهب أحمد في مواضع بلا نزاع عنه، وفي مواضع فيها نزاع عنه، والشافعي في قول، وإن تنازعوا في تفصيل ذلك كما دلت عليه سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مثل إباحته سلب الذي يصطاد في حرم المدينة لما وجده، ومثل أمره بكسر دنان الخمر وشق ظروفه، ومثل أمره عبد الله بن عمر بحرق الثوبين المعصفرين، وقال له: أغسلهما؟ قال: " لا بل احرقهما".
وأمره لهم يوم خيبر بكسر الأوعية التي فيها لحوم الحمر. ثم لما استأذنوه في الإراقة أذن، فإنه "لما رأى القدور تفور بلحم الحمر أمر بكسرها وإراقة ما فيها، فقالوا: أفلا نريقها ونغسلها؟ فقال: "افعلوا". فدل ذلك على جواز الأمرين؛ لأن عقوبة ذلك لم تكن واجبة.
ومثل هدمه لمسجد الضرار ومثل تحريق موسى للعجل المتخذ إلهًا، ومثل تضعيفه -صلى الله عليه وسلم- الغرم على من سرق من غير حرز، ومثل ما روى من إحراق متاع الغال، ومن حرمان القاتل سلبه لما اعتدى على الأمير. ومثل أمر عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب بتحريق المكان الذي يباع فيه الخمر، ومثل أخذ شطر مال مانع الزكاة، ومثل تحريق عثمان بن عفان المصاحف المخالفة للإمام، وتحريق عمر بن