المدينة من طريق النقل، ولا يرجح به أيضاً أحد الاجتهادين على الآخر.
وهذا قول أبي بكر وأبي يعقوب الرازي والقاضي أبي بكر ابن منتاب والطيالسي والقاضي أبي الفرج والشيخ أبي بكر الأبهري، وأنكروا أن يكون هذا مذهباً لمالك، ولأحد أصحابه)) انتهى.
أقول: وتقديم القاضي عبد الوهاب لهذا القول يقتضي أنه الراجح عنده، وقد أسرف الجهال في الاحتجاج بعمل أهل المدينة، ولم يميزوا المسائل التي ورد أنها من عمل أهل المدينة وهي المسائل التي لم يرد فيها شيء، غاية الأمر أن مالكاً قد قال فيها قولاً باجتهاده وليس بمعصوم، إذ المعصوم واحد هو رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المتبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللصحابة والتابعين هم المتبعون لمالك في الحقيقة لأن مالكاً نهى عن اتباع قوله، إذا خالف الدليل، فمن اتبعه في تلك الحال فقد عصى الله ورسوله وعصى مالكاً نفسه وأطاع الشيطان.
وسأورد هنا مسائل خالف فيها مالك نفسه أهل المدينة والمنقول المحقق عن الصحابة والتابعين مع قيام الدليل على صحته، وأورد بعض المسائل التي عمل بها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومالك نفسه، ثم تركها بعض المنتسبين إلى مذهبه اعتماداً على بعض الأقوال الضعيفة السخيفة