الخاصة فأقول: زعمه أن جمع القرآن بدعة واجبة باطل لأنه كان مجموعاً في زمان النبي صلى الله عليه وسلم في العسب واللخاف، أي الحجارة البيض المصفحة، وفي صدور الرجال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه الآية والآيات دعا أحد كتاب الوحي فأمره أن يكتبها في موضعها، فلما توفي صلوات الله وسلامه عليه بقي القرآن مجموعاً في بيت عائشة، فأخذه أبو بكر الصديق منها، وأمر بجمعه في كتاب واحد. ولا فرق بين الجمعين ولا بين الكتابين فأين الإحداث وأين الابتداع؟ .
أما الشاطبي فجعل هذا من المصالح المرسلة التي فهمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصوص القرآن والسنة، ولو فرضنا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم برئاسة أبي بكر الصديق أحدثوا في الدين أمراً – وحاشاهم من ذلك – فهل يستطيع المبتدع أن يبعثهم من مراقدهم ويأمرهم أن يجمعوا على بدعته حتى يتم له الاحتجاج؟ أم يريد أن يقيس برأيه الفاسد بدعه الخبيثة على ما فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقال له: بفيك الحصى والجنادل (?) . إن القياس لا يكون إلا على أمر ثبت بنص من نصوص الكتاب والسنة، ونصوصها كلها تغبر في وجهك، ولا يقيس إلا مجتهد وأنت مقلد أعمى، بل بهيمة تقاد، كما تقدم من كلام أبي عمر بن عبد البر.