الفصل الثالث
(في بيان أن كل بدعة ضلالة)
اعلم أن الإمام أبا إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الشاطبي الغرناطي رحمة الله عليه ألف كتاباً سماه ((الاعتصام)) أقام فيه الحجج الدامغة والبراهين القاطعة على أن البدع - كلها - إذا كانت في الدين ضلالة، وهي شر من أكبر الكبائر، وبَيَّن انقسامها إلى إضافية وحقيقية وبين أن حكمها واحد، فكل من قرأه وتمسك بعد ذلك ببدعة، فلا يخلو: إما يكون جاهلاً بفهم معناه، أو منافقاً يبغض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ويدعي الإسلام، تستراً لأغراض دنيوية خسيسة، ولا يتسع وقتي لنقل كثير منه وإنما أقتصر على قليل، ولكنه كاف شاف لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
قال الشاطبي في الرد على القرافي وشيخه ابن عبد السلام اللذين زعما أن البدع تعتريها الأحكام الخمسة (ج1، ص 147) فمثلا للواجب: بتدوين القرآن والشرائع إذا خيف عليها الضياع، ومثلا للندوب: بصلاة