ما صنعوا ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا)) .
قال في فتح المجيد: ((قوله ((لما نزل)) هو بضم النون وكسر الزاي أي نزل به ملك الموت والملائكة الكرام عليهم السلام. قوله ((طفق)) بكسر الفاء وفتحها والكسر أفصح، وبه جاء القرآن ومعناه: جعل. قوله ((خميصة)) بفتح المعجمة والصاد المهملة كساء له أعلام. قوله ((فإذا اغتم بها)) أي تضايق نفسه بسببها. قوله: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) يبين أن من فعل ذلك حل عليه من اللعنة ما حل على اليهود والنصارى. قوله: ((يحذر ما صنعوا)) الظاهر أنه من كلام عائشة لأنها فهمت من قول النبي صلى الله عليه وسلم تحذير أمته من هذا الصنيع الذي كانت تفعله اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم فإنه من الغلو في الأنبياء ومن أعظم الوسائل إلى الشرك، ومن غربة الإسلام أن هذا الذي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم فاعليه تحذيراً لأمته أن يفعلوه معه صلى الله عليه وسلم ومع الصالحين من أمته، قد فعله الخلق الكثير من متأخري هذه الأمة واعتقدوه قربة من القربات وهو من أعظم السيئات والمنكرات، وما شعروا أن ذلك محادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. قال القرطبي في معنى هذا الحديث: ((وكل ذلك لقطع الذريعة المؤدية إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام)) انتهى. إذ لا فرق بين عبادة القبر ومن فيه وعبادة الصنم، وتأمل قول الله تعالى في يوسف بن يعقوب حيث يقول: {واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء} نكرة في سياق النفي تعم كل شرك.
قوله: ((ولولا ذلك)) أي ما كان يحذر من اتخاذ قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسجداً، لأبرز قبره وجعل مع قبور الصحابة الذين