ومن هنا عكف الشيخ على الجذور والبواعث، يرويها بالتوحيد والعمل، ويدفع الناس إلى تغيير ما في نفوسهم وعقولهم حتى يغير الله أحوالهم وظروفهم، وحتى يعودوا من جديد خير أمة أخرجت للناس.

فإذا كانت العقيدة هي الأساس، فإن اتباع السلف الصالح هو الطريق، والغاية هي الدعوة لإعلاء كلمة الله بأدوات قادرة على إقناع الناس في هذا العصر، في ضوء فقه رشيد بحقائق الدعوة وأساليب تبليغها.

وهكذا فقه الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله تعالى- حقيقة الدعوة، وسبلها، وأهدافها، وطبق بسلوكه فقهه لها، فمكن الله لدعوته في الأرض، وأصبحت هي الدعوة الإسلامية الإصلاحية الوحيدة التي قامت على أسسها دولة ناهضة تساعد جميع المسلمين في الأرض، وتقدم نموذجاً معاصراً لتطبيق شريعة الله في العصر الحديث.

ولم يقف الأمر عند هذا المستوى، بل امتدت أصول الدعوة بجهود المؤمنين بها، وعلى رأسهم قادة الدولة نفسها، إلى أرجاء الأرض امتداداً يشبه امتداد أشعة الشمس في الصباح بعد ظلام دامس.

وقد أبصر أشعة الشمس من له بصيرة ومبصر، وغفل إن إبصارها من أصاب عينيه بعض العمى، واستطاع رؤية قوة دفعها من وفقه الله، فحلل الأمور تحليلاً دقيقاً محايداً.

لقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى من أبعد الناس عن التكفير والتطرف والغلو، وقد ورد في ثنايا هذا الكتاب الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015