وبين إثبات سحر اليهودي له عليه الصلاة والسلام] (?) .
أما الزعم بأن وقوع أثر السحر على الأنبياء يحطُّ من مقام نبوَّتِهم، [فإن وقوع المرض لهم بسبب السحر، لا يجرّ خللاً لمنصب النبوة، لأن المرض الذي لا نقص فيه يقع للأنبياء في الدنيا ويزيد في درجاتهم في الآخرة، فإذا خُيّل إليه - بسبب مرض السحر - أنه يفعل شيئًا من أمور الدنيا وهو لم يفعله، ثم زال ذلك عنه بالكلية بسبب إطْلاع الله تعالى له على مكان السحر وإخراجه إياه من محله ودفنه، فلا نقص يلحق الرسالة من هذا كله، لأنه مرض كسائر الأمراض، لا تسلّط له على عقله؛ بل هو خاص بظاهر جسده كبصره حيث صار يخيل إليه فعل الشيء من ملامسة بعض أزواجه، وهو لم يفعله، وهذا في زمن المرض لا يضر، والعجيب ممن يظن هذا الذي وقع من المرض بسبب السحر لرسوله صلى الله عليه وسلم قادحًا في رسالته، مع ما هو صريح في القرآن في قصة موسى مع سحرة فرعون، حيث صار يخيل إليه من سحرهم أن عصيَّهم تسعى، فثبّته الله، كما دلّ عليه قوله تعالى: [طه: 66-69] {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى *فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى *قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى *وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى *} . ولم يقل أحد من أهل العلم ولا من أهل الذكاء أن ما خُيّل لموسى عليه الصلاة والسلام أولاً من سعي عِصِيّ السحرة قادح في رسالته، بل إن وقوع مثل هذا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام يزيد قوة الإيمان بهم، لكون الله تعالى ينصرهم على أعدائهم، ويخرق لهم العادة بالمعجزات الباهرة ويخذل السحرة والكفرة، ويجعل العاقبة للمتقين، كما هو مبين في آيات الكتاب المبين] (?) .
بقي أن دعواهم في أن تأثير السحر على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه جنس فلاح