مالك رحمه الله، لئلا يكون ما يرقون به مما بدلوه - أي حرّفوه من الكتاب - وأجاب من أجاز ذلك: بأن مثل هذا يبعد أن يقولوه، وهو كالطب سواء كان غير الحاذق لا يحسن أن يقول - أي: في الطب - والحاذق يأنف أن يبدّل حرصًا على استمرار وصفه بالحذق لترويج صناعته. والحق أنه - أي: استرقاء أهل الكتاب - يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال) (?) . فالحاصل في ذلك أن الراقي من أهل الكتاب، إن عُرف عنه أنه رقّاء، وكان حافظًا للكتاب، ويرقي بما يُعرف من ذكر الله، وكان المريض بحاجة ماسة، وليس مِنْ راقٍ من المسلمين، جاز، والله أعلم.
المسألة الثامنة: قال قوم: لا تجوز الرقية إلا من العين واللدغة، واحتجوا بما صح أنْ: «لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ» (?) ، فهل الرقية مختصة فعلاً بهاتين العلتين؟
الجواب: (إن معنى الحصر في ذلك أنهما - أي العين واللدغة السامّة - أصلُ كلِّ ما يحتاج إلى الرقية، فيلتحق بالعين جواز رقية من به خَبَل أو مسّ، ونحو ذلك، لاشتراكها في كونها تنشأ عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني، كما يلتحق بالسم أيضًا كل ما عرض للبدن من قَرْح ونحوه