لذّاعًا فتاكًا، قد جعلَتْ كمًّا منه في موضع الكتف من الشاة، ومع أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد التقمه، فلم يضره الضر المعهود، وهذا من أعظم دلائل نبوَّته عليه الصلاة والسلام، كما أن في حصول أثر السحر إرشادًا لنا إلى وجوب الحذر البالغ من السحر، ومعرفة خطر أهله، وفيه كذلك ظهور أثر الإخلاص في الدعاء للنجاة من كيد الكائدين وشر الحاقدين، وبيان أن أكثر العاملين بالسحر إنما هم من يهود ومَنْ تبعهم، مع ظهور عظيم
أثر الاسترقاء بالمعوّذتين وأنهما أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر، وأنه «مَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا قَطُّ» (?) ، كما أن في إثبات حصول أثر السحر على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما يفيد مزيد الأمانة في النقل من لدن الصحابة ومن بعدهم من التابعين، ثم من نقل ذلك من المحدثين، حيث إنهم لو كانوا يخفون شيئًا مما قد يُتوهَّم منه التنقُّص من كمال قَدْر النبوَّة وعظيم شأن الرسالة لأخفَوْا مثلَ ذلك. هذا، والحِكم البالغة في ذلك تكاد ألا تحصى، وقد حفلت بها كتب شروح السنة المطهرة لمن شاء المزيد، وبالله تعالى حسن التوفيق.
أخي القارئ، بعد تقرير أن التوقي والتحصين من السحر أمر مشروع بل هو مطلوب، أعمد إلى بيان تحصينات للمؤمن تقيه بإذن الله تعالى شر السحرة الأشرار، وتحصنه من كيدهم المهين، ثم أُتبِع ذلك بطرق مشروعة للمعالجة من أثر السحر، وأختم بذكر رقى مشروعة من كتاب الله تعالى وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، مفصَّلة تقي عامة أنواع الضرِّ بإذن الله. وسأقدّم بين يدي ذكر هذه