الحذر من السحر (صفحة 229)

فالنشرة الأولى لا بأس بها، لما فيها من المصلحة وطلب المنفعة، وعدم المفسدة، بل ربما تكون مطلوبة لأنها مصلحة بلا مضرّة (?) .

وأما الثانية؛ وهي استخراج السحر بسحر أو بألفاظ أعجمية أو بما لا يُفهم معناه، أو بنوع آخر مما لا يجوز، فإنه ممنوع (?) .

وعلى هذا التفصيل السابق تُحمل أقوال بعض أهل العلم الذين أجازوا النشرة، وعللوا لجوازها بحصول النفع، أو كونها بالعربية، ومن هؤلاء سعيد ابن المسيَّب، والمُزَنِيُّ، والشَّعْبي، والطبري، كما يفسّر بهذا التفصيل قولُ من منعها من أهل العلم؛ كالحسن البصري، وابن تيمية، وابن القيم، وابن الجوزي، رحم الله الجميع. وهاك أخي القارئ أدلة كلٍّ من الفريقين، بعدما علمت طريق الجمع بين مذاهبهم في حكم النشرة.

من أدلة القائلين بجواز النشرة:

1- ... قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم حين سألته عائشة رضي الله عنها: أفلا؟ أي: تنشَّرْتَ، فقال عليه الصلاة والسلام: «أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا» (?) . ووجه الاستدلال في ذلك: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم ينكر على السيدة عائشة سؤالها، ثم إنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر - في هذا الحديث - حرمة النُّشرة، مع أن المقام مقام بيان الحكم، مع شدة الحاجة إليه، فعُلِم بذلك أصل مشروعية النشرة، والله أعلم.

2- ... واستدلوا أيضًا بقول سعيد بن المسيَّب لما سأله قتادةُ رحمهما الله قائلاً: رجل به طِبّ، أو يؤخذ عن امرأته، أيُحَلُّ عنه أو يُنَشَّر؟ قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015