الحذر من السحر (صفحة 214)

هذا، وإن عنى أنه ليس بقبيح شرعًا ففي هذه الآية الكريمة - أي قوله تعالى: [البَقَرَة: 102] {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ} - تبشيع لتعلّم السحر، وفي الصحيح: «مَنْ أَتى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» (?) ، وفي الأثر: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً وَنَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ» (?) ، وقوله أي الرازي-: (ولا محظور، اتفق المحققون على ذلك) ، كيف لا يكون محظورًا مع ما ذكرناه من الآية والحديث، واتفاق المحققين يقتضي أن يكون قد نص على هذه المسألة أئمة العلماء أو أكثرهم، وأين نصوصُهم على ذلك، ثم إدخالُه السحر في عموم قوله تعالى: [الزُّمَر: 9] {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} ، فيه نظر؛ لأن هذه الآيةَ إنما دلت على مدح العالِمين بالعلم الشرعي، ولِمَ قلتَ إن هذا - أي علم السحر - منه؟! ثم ترقِّيه إلى وجوب تعلمه بأنه لا يحصل العلم بالمعجز إلا به، ضعيف بل فاسد؛ لأن معظمَ معجزات رسولنا

عليه الصلاة والسلام هي القرآن العظيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ثم إن العلم بأنه - أي: القرآن العظيم - مُعجِز لا يتوقف على علم السحر أصلاً. ثم من المعلوم بالضرورة أن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وعامتَهم، كانوا يعلمون المُعجِز، ويفرّقون بينه وبين غيره، ولم يكونوا يعلمون السحر ولا تعلّموه ولا علّموه، والله أعلم] . لقد بيّن الإمام ابن كثير رحمه الله فيما سبق تهافت القول بجواز تعلم السحر أو وجوبه، وقد ذكر رحمه الله - في ثنايا وجوه الرد - انعدام نص قول أيٍ من أهل التحقيق في العلم بجواز تعلم السحر وعدم حظر ذلك، وقد يكون مناسبًا في هذا المقام إثبات بعض نصوص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015