[فالقول بأن السحر كفر على الإطلاق لا يستقيم، وأنه يجب البحث عن مرتبة السحر، فإن كان على التخييل فلا ريب أنه ليس بكفر إنما هو معصية وفسق، لكن إن كان السحر على الحقيقة ننظر؛ فإن كان في ذلك ردّ ما لزم في شرط الإيمان فهو كفر، وإلا فلا، فليس كل ما يسمى سحرًا كفرًا، إذ ليس سبب التكفير ما يترتب عليه من الضرر، بل لما يقع به ويلازمه مما هو كفر؛ كاعتقاد انفراد الكواكب بالربوبية، أو إهانة قرآن، أو كلام مُكفِّر ونحو ذلك] (?) . ويدخل في ذلك: [الساحر المتعلم من الشياطين فإن كلَّ تعلُّمِه كفر؛ قليله وكثيره، كما هو ظاهر القرآن] (?) .
أخي القارئ، يتحصل مما سبق في حكم تعلم السحر وتعليمه أمور، أوجزها بما يلي:
1- ... ينبغي ابتداءً التثبُّتُ من كون المُتعلَّم سحرًا.
2- ... إن كان هذا السحر على الحقيقة لا على التخييل أو المجاز، يُنظر بعدها في نوعه.
3- ... إن ثبت أن نوع السحر الحقيقي من جنس ما يعظّم فيه غير الله تعالى، أو يُستهزأ فيه بالدين، كإهانة مصحف أو استحلال محرّم مجمع على تحريمه، أو كان فيه تصريح بكلام مكفّرٍ، أو القيام بما يقتضي التكفير من نحو سجود لنجم أو تذللٍ لشيطان أو استغاثة صريحة به، أو تعلّم ما اتفق على كونه سحرًا كسحر بني إسرائيل المتلقى عن شياطينهم، أو سحر هاروت وماروت، كان ذلك القَدْر من التعلم وشروطه كافيًا للحكم بأنه كفر، وأن متعلمه ومعلّمه قد انتفى عنهما وصف الإيمان، والعياذ بالله تعالى.