الملَكين جبريل وميكائيل، ولكنّ الشياطين - هاروت وماروت - كفروا يعلمون الناس السحر ببابل.
أما الإمام الطبري رحمه الله، فقال: - بعد أن ذكر احتمال كون (ما) نافية أو موصولة، وجواز كونها محتملة للأمرين، واستدل لكل وجه من هذه الأوجه الثلاثة - قال: [والصواب من القول في ذلك عندي، قولُ من وجَّه (ما) التي في قوله تعالى: {وما أنزل على الملكين} إلى أنها موصولة بمعنى «الذي» ، دون معنى (ما) التي هي بمعنى الجَحْد] (?) . فيكون المعنى على ذلك: واتبع اليهود ما تقولته الشياطين في عهد سليمان، من سحر زعموا افتراءً أنه سبب مُلكه، وكذلك اتبعوا الذي تعلموه مما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت.
وأما الإمام ابن كثير رحمه الله، فبعد أن نسب القولين السابقين كلاً إلى قائله، وساق الأحاديث التي أوردها، كل منهما، وكذلك الآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين، لم يصرّح رحمه الله بعد ذلك بترجيح كون (ما) نافية فينتفي بذلك إنزال السحر عليهما، أو موصولة، فيثبت ذلك لهما (?) !! إلا أنه رحمه الله ذكر بعدها ما يُشعر باختياره كون (ما) نافية، حيث قال: [وادّعى - أي الإمام الطبري - أن هاروت وماروت مَلَكان أنزلهما الله إلى الأرض، وأَذِن لهما في تعليم السحر اختبارًا لعباده وامتحانًا، بعد أن بيّن لعباده أن ذلك مما يَنهى عنه على ألسنة الرسل _ت، وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعلّم ذلك، لأنهما امتثلا ما أُمِرا به. وهذا الذي سلكه - أي الإمام الطبري - غريب جدًا ... ] (?) ، ثم إن ابن كثير رحمه الله، قد أشار إلى هذا الترجيح بتصريحه أن ما ذكر من تعليم هاروت وماروت الناس ما يفرقون به بين الأزواج، إنما هو من صنيع الشياطين،