ذلك كان من علمه وروايته، وأنه إنما كان يستعبد من يستعبد من الإنس والجن والشياطين وسائر الخلق بالسحر، وهم إنما يريدون بذلك أن يحسِّنوا لأنفسهم العمل بالسحر، ذلك أن نبيًا قد علمه وعمل به - بزعمهم -، فلِمَ لا يفعلون هم ذلك؟! وأرادوا أيضًا أن يحسّنوا أنفسهم وفعلتهم الشنيعة عند من كان جاهلاً بأمر الله ونهيه، وعند من كان لا علم له بما أنزل الله في ذلك من التوراة، فبرَّأ الله نبيَّه سليمان عليه السلام مما نسبوه زورًا وبهتانًا إليه، وأعلمهم أنهم إنما اتبعوا - في عملهم بالسحر - ماتلته الشياطين في عهد سليمان، وأن سليمان إنما كان يأمرهم بطاعة الله، واتباع أمر الله الذي أنزله في التوراة على موسى عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام (?) .
والحاصل: [أن اليهود لما نسبت سليمانَ إلى السحر، صاروا بمنزلة مَن نَسَبه إلى الكفر، لأن السحر يوجب ذلك، فبرَّأ الله نبيَّه من السحر، وأثبته للشياطين، وأَعْلم بأنهم كفروا بتعليمهم الناس السحر] (?) .
5- ... يقول تعالى: [البَقَرَة: 102] {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} ، [ولعل قائلاً أن يقول: أوَ ما كان السحر إلا أيام سليمان؟ فيُقال له: بلى، قد كان السحر قبل ذلك، وقد أخبر الله عن سَحَرة فرعون ما أخبر عنهم، وقد كانوا قبل سليمان، وأخبر سبحانه عن قوم نوح أنهم قالوا لنوح إنه ساحر، وإنما خص الله ذكر تعليم الشياطين السحر للناس في هذا الموضع، لأن الشياطين وأتباعهم اليهود أضافوا ذلك العلم إلى سليمان عليه السلام، فأراد الله تعالى تبرئته مما نَحَلوه وأضافوه إليه، وإن كانت الشياطين تاليةً للسحر والكفرِ قبل ذلك] (?) ، أي: قبل عهد سليمان عليه السلام.
[أما السحر الذي تعلّمه الشياطين الناسَ، فهو - بالإجمال - علم بأمرٍ