والحق يقال: إن التساهل في أمر هذه المجربات قد فتح باب الفتنة على مصراعية لأعمال السحر، فقد احتج قوم بالتجريب لحصول المنفعة، فجرّوا على الأمة ما لا حصر له من المجرّباب، لكن الفيصل في ذلك - كما لا يخفى -[أن الأفعال إنما يثبت استحبابها واتخاذها دينًا، إذا وافقت كتاب الله تعالى وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السابقون الأولون، وما سوى ذلك من الأمور المحدثة فلا يستحب، وإن اشتملت أحيانًا على فوائد، لأن مفاسدها تكون راجحة على فوائدها] (?) .
ولنعد بعدها إلى هذه المجربات والفوائد لنجد أن عامة ما ذكر فيها من خصائص الآيات والسور لم تصح، ثم إن التصرفات بها بكتابتها على هيئات مخصوصة، ككتابة في إناء زجاج ثم محوها بماء ورد، أو على شقفة طين نيئة لم تحرق، ثم سحق الطين، وخلطه مع تراب من مقبرة قديمة وتراب آخر من دار خربة، ثم رش ذلك في موضع دار عدوٍّ لخرابه يوم السبت، كل ذلك مما يُستشف منه نوع استهزاء بآيات الله تعالى، وإن لم يكن ذلك فالبدع المُضِلَّة، وإلا فهل تستعمل آيات القرآن من قوله تعالى: [هُود] {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ *مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ *} . هل يعقل أن تكون سببًا في إصابة امرئ بحمى، إن رسمت في قدر باسم شخص مع شيء من أثره، ويجعل القدر على نار حتى يغلي فالمعمول له تأخذه الحمى من حينه ووقته، هذا ما قاله الديربي فهل من نفعٍ يفوق هذا النفع من مجرباته؟! كما حوى كتابه تلك الأشكال السبعة - المذكورة آنفًا - وأنها مجربة النفع أيضًا، وهكذا فهو كتاب غلب عليه الدلالة على أعمال سحرية مجربة، لا شأن لها ألبتة بالرقى الشرعية أو بخصائص السور وفضائل