الساحر على الخفة الفائقة، والسرعة الباهرة، والكلام المؤثر بالناظر، مع صرف بصره إلى ما يريده الساحر عما لا يريده، كان ذلك شعوذة وسحر مجازٍ لا على الحقيقة، أما إن عمد الساحر إلى تقديم الولاء والتعظيم لشيطانه (وهو ما يسمى بالقُمْرة) ، مع التمتمة بعزيمة أو إقسام ونحوه قاصدًا عون ذلك الشيطان فيما يخيِّلُ به للناظر، فهو - ولا ريب - سحر على الحقيقة لا على المجاز.
إن تقسيم أعمال السحر من حيث طرقه وأهله القائمون به، هو التقسيم الأكثر تشعبًا، الذي يكاد لا يخلو منه مصنف معتبر من المصنفات التي تعرضت لبيان أنواع السحر، بغرض التحذير منه، لكنْ يبقى أن تقسيم الإمام الفخر الرازي (604هـ) ، في تفسيره (?) ، هو الأشهر من بينها حيث نقل عنه ذلك التقسيم جمّ غفير من أهل العلم من بعده، ومن هؤلاء مَنْ أثبت تعقيبًا على تقسيماته، كالحافظ ابن كثير في تفسيره (?) ، والعلاّمة التهانوي في كشاف اصطلاحات الفنون (?) ، والعلاّمة الشنقيطي في أضواء البيان (?) ، وغيرهم، في حين اكتفى كثير من المصنفين قديمًا وحديثًا - حين التعرض لذكر أقسام السحر - إلى الاقتصار على ذكر تقسيم الرازي رحمه الله. وإتمامًا للفائدة - إن شاء الله - سأعمد إلى ذكر هذا التقسيم مشفوعًا بتعليقات الإمام ابن كثير رحمه الله عليه، كما سأورد - بعون الله - بعض تقسيمات لمن سبق الرازي، ومن لحق به؛ من أجل استخراج مجمل أنواع السحر، ومن ثم معرفة ما يدخل منها في سحر الحقيقة أو سحر التخييل، - بحسب إيراد ابن