"التجريد"، وبين من ذكر غلطا، ومن لا تصح صحبته، ولم يستوعب ذلك، ثم جاء شيخ الإسلام العسقلاني المتوفى سنة "852" فألف كتابه: "الإصابة في تمييز الصحابة". جمع فيه ما في الاستيعاب وذيله وأسد الغابة وتجريده، واستدرك عليهم كثيرا، فجاء كتابا عظيم النفع كثير الفائدة، وهو مطبوع الآن1.

3- علم تاريخ الرواة:

تكلم الناس على تاريخ الرواة ورحلاتهم، ومواطنهم وأبانوا عن مواليدهم ووفياتهم، وكثير من أحوالهم مما له أثر في توهينهم، أو تقويتهم فميزوا أوقات ضبطهم، وانتباههم من أوقات غفلتهم واختلاطهم، وكشفوا عن كل ذلك بما لا يدع مجالا للريب فتراهم يقولون مثلا: فلان ولد عام كذا، وسمع عمره كذا وارتحل إلى البلد الفلاني في وقت كذا، وسمع من الشيخ الفلاني والتقى بفلان ولم يلتق بفلان، وفلان اختلط قبل موته بكذا شهر أو سنة، وفلان سمع من فلان قبل الاختلاط، فيقبل وفلان سمع منه بعد الاختلاف، فلا يقبل وهلم جرا. وإنك لتلمح من أقوالهم هذه الفائدة الكبرى، التي يفيدها هذا الفن من فنون الحديث، ولقد وفاه علماء الحديث حقه لما يترتب عليه من اتصال الحديث وانقطاعه، وقوته وضعفه إلى غير ذلك، ونحن نذكر لك شيئا من هذه الفوائد ليعظم في نظرك هذا الفن فمن ذلك:

1- أن العلم بتاريخ الرواة طريق لمعرفة ما يقبل من أحاديث الثقات، الذين أدركهم الاختلاط، وما لا يقبل منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015