التفسير بالمأثور

هو ما جاء في القرآن، أو السنة، أو كلام الصحابة، بيانا لمراد الله- تعالى- من كتابه.

1 - مثال ما جاء في القرآن: قوله سبحانه: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [سورة البقرة آية: 187]، فإن كلمة «من الفجر» بيان وشرح للمراد من كلمة الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ التي قبلها.

وكذلك قوله- سبحانه-: قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ [سورة الأعراف آية: 23]، فإنها بيان للفظ كَلِماتٍ من قوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ [سورة البقرة آية: 37]، على بعض وجوه التفاسير.

وقوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ [سورة المائدة آية: 3]، فإنها بيان للفظ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ» من قوله سبحانه: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ [سورة المائدة آية: 1].

وقوله- تعالى-: لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ [سورة المائدة آية: 12]، فإنها بيان للعهدين في قوله- سبحانه-: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [سورة البقرة آية: 40]، الأول للأول، والثاني للثاني.

وقوله تعالى: وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ [سورة الطارق آية: 2، 3]، فإن كلمة النَّجْمُ الثَّاقِبُ بيان لكلمة الطَّارِقِ التي قبلها، وغير ذلك كثير يعلم بالتدبر في كتاب الله- تعالى.

2 - ومثال ما جاء في السنة شرحا للقرآن: أنه صلّى الله عليه وسلم فسر الظلم بالشرك في قوله سبحانه:

الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [سورة الأنعام آية: 82]، وأيد تفسيره هذا بقوله تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [سورة لقمان آية: 13]، وفسر صلّى الله عليه وسلم الحساب اليسير بالعرض حين قال: «من نوقش الحساب عذّب» فقالت له السيدة عائشة: أو ليس قد قال الله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (8) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً [سورة الانشقاق آية: 7 - 9]، فقال صلّى الله عليه وسلم «ذلك العرض» بيانا للحساب اليسير، وكذلك فسر الرسول صلّى الله عليه وسلم القوة بالرمي في قوله- سبحانه-: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [سورة الأنفال آية: 60]، وفي صحيح كتب السنة من ذلك شيء كثير.

وكلا هذين القسمين لا شك في قبوله، وأما الأول: فلأن الله تعالى أعلم بمراد نفسه من غيره، وأصدق الحديث كتاب الله تعالى. وأما الثاني: فلأن خير الهدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015