أئمتهم قد مكنوا للتقليد في صدورهم وصدور طلبة العلم كلهم وصدورهم بذلك عن التفقه بالكتاب والسنة وصار الفقه في عرفهم هو فهم أقوال العلماء الواردة في كتبهم ثم لم يقنعوا بهذا كله بل دعوا إلى التعصب للمذهب بمثل قول بعضهم: "إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفنا؟ قلنا وجوبا: مذهبنا صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ يحتمل الصواب وإذا سئلنا عن معتقدنا ومعتقد خصومنا قلنا وجوبا: الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا"1
ومع أن هذه الأقوال ونحوها مما لم نذكره لم يقل بها أحد من الأئمة المتبوعين بل هم أعلم وأتقى لله تعالى من أن يتفوهوا بها فهي ظاهرة البطلان من وجهين:
الأول: أنها مخالفة للكتاب والسنة في نصوصهما الكثيرة التي تأمر بأن لا يقول الإنسان إلا بعلم كقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وقد علمت أن العلم الحق إنما هو ما جاء في القرآن والسنة فأين فيهما ما يدل على ما ذكروه؟
والآخر: أنهم يدعون التقليد والمقلد حجته قول إمامه كما هو معروف من كتبهم فأين ذلك في كلام إمامهم؟ وحاشاهم من ذلك.