3- تعذر إقامة الحد لانقطاع ولاية الإمام عن دار الحرب:
قالوا: إن الوجوب مشروط بالقدرة ولا قدرة للإمام على مسلم تلبس بالحد في دار الحرب فلا حد إذاً، أما لو كان الإمام معه في المعسكر فيقام الحد، لأنه تحت يده فالقدرة ثابتة عليه (?) .
مناقشة هذا الدّليل:
نسلم أن مناط إقامة الحد هي القدرة، لكن ما الذي أسقطه بالكلية حتى ولو عاد إلى دار الإسلام فإن المسلم إذا عاد إلى دار الإسلام صار تحت يد الإمام، فالقدرة ثابتة عليه، فإذا لم تقم عليه الحدود أهدرنا مقتضيات النصوص الآمرة بإقامة الحدود، أما إذا قلنا بتأخيره فقد راعينا المصلحة ولم نهدر الحد بالكلية. أما قولهم: بإقامة الحد إذا كان الإمام في المعسكر لوجود القدرة فيقال: هذا
غير مسلم لأنه ليس مناط إقامة الحد وجود القدرة فحسب، بل معها أيضاً عدم وجود المعارض، وهو هنا قد وجد لحاجة المسلمين إلى تكثير الصف أو خوفاً من ارتداده ولحوقه بالكفار كما علله الصحابة رضي الله عنهم بذلك.
ومن القواعد المقررة: أنه إذا وجد المانع والمقتضي قدم المانع على المقتضي، فإذا زال المانع بأن رجعوا إلى دار الإسلام أقيم الحد لوجود المقتضي وانتفاء المعارض. وهذا له نظائر في الحدود كما في تأخير الحد لمصلحة المحدود كتأخيره عن الحامل ونحوها (?) .
ولعله تبين من سياق أدلة الحنفية ومناقشتها أنه ليس لدى الحنفية ما تسلم دلالته على سقوط الحد عن الغزاة. ولهذا نرى الإمام أبا يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة