وقفة وتأمل:

ظاهر ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى للخلاف على هذه الأقوال الثلاثة أن أرباب القول الأول لا يقولون: بقبول توبة الزنديق إذا جاء تائباً من تلقاء نفسه قبل القدرة عليه.

وظاهر سياق ابن القيم لأدلة القول الأول: أنهم يقولون بهذا التفصيل فإنه في معرض سياقه لأدلتهم يذكر تعليق عدم قبول التوبة في حال: بعد القدرة عليه بل يقول في معرض الاستدلال لهم (?) :

(ولهذا لو جاء- يعني الزنديق- من تلقاء نفسه وأقر بأنه قال كذا وكذا وهو تائب منه قبلنا توبته ولم نقتله) .

وإضافة إلى هذا فإن كتب الخلافيات لم يذكر أربابها أن أصحاب القول الأول: لا يقبلون توبة الزنديق إذا تاب قبل القدرة عليه. وإنما يحكون الخلاف في (استتابته بعد القدرة عليه) . وقد استقصى الحافظ بن حجر الخلاف في المسألة ولم يذكر ذلك عن أي من المخالفين (?) .

لهذا فإن القول الأول والثالث كما يلتقيان في عدم قبول توبة الزنديق بعد القدرة عليه فالظاهر أيضاً التقائهما في قبول توبته قبل القدرة عليه والأدلة المسوقة للرأي الأول تؤيد هذا وتنصره.

هذا ما ظهر لي بعد التأمل، وأستغفر الله من تحميل آراء الأئمة ما لا تحتمله وعذري إن أخطأت أني بذلت الوسع وهذا منتهى ما توصلت إليه في التحري والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015