المبحث الأول:
حكمة التشريع في جعل عقوبة السارق قطع يده (?)
من ضروريات التعايش الآمن وبناء العمران المطمئن صيانة الأموال والمحافظة عليها فكان من حكمة الله ورحمته بعباده أن فرض العقوبة الرادعة لكل سارق يفسد على الناس معاشهم ويخل بأمنهم على أموالهم. ففرض عقوبة قطع اليد من
السارق. وجاء في نص صريح محكم وتنزيل يتلى فقال تعالى (?) (والسارق والسارقة
فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم) .
وفي هذه الآية، جماع القول بالحكمة (جزاءً بما كسبا نكالاً من الله) . فبيّن سبحانه أن (القطع) هو الحكم المطابق لمجازاة (السارق) لا نقص ولا شطط فلم يجعل عقوبته الجلد، فيكون جزاء، ناقصاً عن مقابلة الجرم. ولم يجعله إعداماً للنفس فيكون فيه مجاوزة لما يستحقه الجرم. وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى (?) :
(إن عقوبة القطع للسارق أبلغ وأردع من عقوبته بالجلد. ولم تبلغ جنايته حد العقوبة بالقتل، فكان أليق العقوبات به: إبانة العضو الذي جعله وسيلة إلى أذي الناس وأخذ أموالهم) .
وقال أيضاً (?) :
(ولم يشرع في السرقة إعدام النفس، وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته ولطفه وإحسانه وعدالته لتزول النوائب وتنقطع