هذه من طرائف العلم التي شحن بها ابن القيم كتابه (مفتاح دار السعادة) فقال ما ملخصه (?) :
(قال الله تعالى (?) : (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت
لهم) ... قد أخبر تعالى أنه حرم عليهم طيبات كانت حلالاً عقوبة لهم فهذا تحريم عقوبة بخلاف التحريم على هذه الأمة فإنه تحريم صيانة وحماية) .
وهذه النقطة مرتبطة بالتي قبلها ومشتبكة معها اشتباك الروح بالهيكل فإن ما جاء في النقطة الأولى هو من آثار فساد العقل وزواله بالخمر ولهذا جاء الشرع بتحريم الخمر صيانة للعقول وحفظاً لها ودفعاً للمفاسد التي تحصل من شرب الخمر لزوال العقل بها والله أعلم.
وماذا بعد إذا كانت الخمر جناية على العقل. العقل الذي شرّف الله بني الإنسان وميزه به عن سائر الحيوان. ومن أجله صار محط رسالاته. وابتلائه واختياره وإنه لخرق متناهٍ أن يجني المرء على عقله بطوعه واختياره ليغيب عن رشده ويفقد إدراكه ووعيه ويتخلى عن كلّ فضل وفضيلة. منهكاً أشرف قواه وأ جلها: العقل.
ويطيب لي هنا أن أسوق كلاماً نفيساً لإمامنا ابن القيم في بيان منزلة العقل من الإنسان فقال (?) :
(العقل الذي به عمارة الدارين، وهو الذي أرشد إلى طاعة الرسل، وسلم القلب والجوارح ونفسه إليه، وانقاد لحكمه، وعزل نفسه وسلم الأمر إلى أهله، لكفي به شرفاً وفضلاً. وقد مدح الله سبحانه العقل وأهله في كتابه في مواضع كثيرة منه. وذم من لا عقل له وأخبر أنهم أهل النار، الذين لا سمع لهم ولا عقل. فهو آلة كل