كما جاء عنه في صحيح أبي حاتم (?) وفي السنن فلما رآها عرفها وكان يراها قبل نزول الحجاب فاسترجع وأناخ راحلته فقربها إليها فركبتها، وما كلمها كلمة واحدة، ولم تسمع منه إلا استرجاعه ثم سار بها يقودها حتى قدم بها وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة. فلما رأى ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته وما يليق به. ووجد الخبيث عبد الله ابن أبي متنفساً فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه. فجعل يستحكي الإفك ويستوشيه ويشيعه ويذيعه ويجمعه ويفرقه، وكان أصحابه يتقربون به إليه.
فلما قدموا المدينة أفاض أهل الإفك في الحديث ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم ثم استشار أصحابه في فراقها. فأشار عليه علي رضي الله عنه أن يفارقها ويأخذ غيرها تلويحاً لا تصريحاً وأشار إليه أسامة وغيره بإمساكها وألا يلتفت إلى كلام الأعداء.
وقد حبس الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً في شأنها ثم جاء الوحي ببراءتها فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن صرح بالإفك فحدوا ثمانين ثمانين ولم يحد الخبيث عبد الله ابن أبي مع أنه رأس الإفك) (?) .
الحكم والغايات المحمودة في هذه القصة (?) :
وقد أشار ابن القيم رحمه الله تعالى في تضاعيف سياقه للقصة إلى جملة من الحكم