وأعظم عذاباً من عذاب الزناة، فلا كانت لذة توجب هذا العذاب الأليم، وتسوق صاحبها إلى مرافقة أصحاب الجحيم، تذهب اللذات وتعقب الحسرات، وتفنى الشهوة، وتبقى الشقوة، وكان الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى ينشد:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها ... من الحرام ويبقى الخزي والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها ... لا خير في لذة من بعدها النار
وفي معرض بحثه رحمه الله تعالى لعقوبة اللواط وأن عقوبته أغلظ من عقوبة الزنى فيقتل على كل حال بين رحمه الله تعالى في مساق التأييد لهذا القول، وجه
كون مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر بالله تعالى، وأن اللواط أعظم مفسدة من الزنى ومن القتل وبسط ذلك ببيان قصة اللوطية في القرآن الكريم وما فيها من وجوه الشناعة والذم فقال رحمه الله تعالى (?) :
(ليس في المعاصي أعظم مفسدة من هذه المفسدة، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل.
قالوا: ولم يبتل الله سبحانه بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحداً من العالمين، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أحداً غيرهم، وجمع عليهم أنواعاً من العقوبات، بين
الإهلاك، وقلب ديارهم عليهم والخسف بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، فنكل
بهم نكالا لم ينكله أمة سواهم، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة التي كادت تميد الأرض من جوانبها إذا عملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شاهدوها خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم، وتعج
الأرض إلى ربها تبارك وتعالى، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها، وقتل المفعول به
خير له من وطئه، فإنه إذا وطئه قتله قتلا لا ترجى الحياة معه، بخلاف قتله، فإنه مظلوم شهيد أو ربما ينتفع به في آخرته.