بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى اللَّه على محمد وعلى آله وسلم
قال القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي رضي اللَّه عنه:
الحد: هو اللفظ الجامع المانع (?).
معنى الحدّ ما يتميز به المحدود ويشتمل على جميعه، وذلك يقتضي أنه يمنع مشاركته لغيره في الخروج عن الحدّ، ومشاركة غيره له في تناول الحدّ له.
وأصل الحدّ في كلام العرب المنع. قال اللَّه تبارك وتعالى {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: الآية 229]. ومنه سُمِّي السجَّان حدَّادًا لمنعه من يُسجن من الخروج والتصرف.
فلما كان في الحدّ ما قدمناه من المنع، صحّ أن يوصف بالحدّ. وهذه العبارة من قولنا "اللفظ الجامع المانع" يتناول الحدَّ وحدَّ الحدِّ وحدَّ حدِّ الحدِّ إلى ما لا نهاية له؛ لأن اسم الحد واقع على جميعها.
العلم: معرفة المعلوم على ما هو به (?).
لو اقتصرنا من هذا اللفظ على قولنا "العلم المعرفة" لأجزى ذلك، ولم ينتقض طردًا ولا عكسًا، لكنَّا زدنا باقي الألفاظ على وجه البيان لمخالفه من خالف في ذلك.
وقد ترد ألفاظ الحد لدفع النقض، وترد للبيان في موضع الخلاف. وإنما قلنا "المعلوم" ليدخل تحته المعلوم المعدوم والموجود. ولا يصح أن يقال "إنه معرفة الشيء على ما هو به" على قولنا إن المعدوم ليس بشيء, لأن ذلك كان يخرج المعلوم المعدوم عما حددناه، ويوجب ذلك بطلان الحد لقولنا وقول أكثر الأمة إن المعدوم يصح أن يعلم.