وأحسنوا بالوالدين إحسانا. كأنّه لما قال: أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ قال:

وقلنا لهم أحسنوا بالوالدين إحسانا، كما قال: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ، خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ [البقرة/ 63] فالجارّ متعلق (?) بالفعل المضمر، ولا يجوز أن يتعلّق بالمصدر، لأن ما يتعلّق بالمصدر لا يتقدّم عليه، وأحسن: يصل بالباء كما يصل بإلى، يدلّك (?) على ذلك قوله:

وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ [يوسف/ 100] كما تعدّى بإلى في قوله: وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [القصص/ 77] والتقدير أنه لمّا قال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ، فكان هذا الكلام قولا صار كأنّه قال: وقلنا أحسن أيّها الإنسان بالوالدين إحسانا. وممّا يؤكّد ذلك ويحسّنه قوله في الأخرى:

وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ...

[النساء/ 36].

ووجه من قرأ في الأحقاف: بِوالِدَيْهِ حُسْناً [الآية/ 15] أن يكون أراد بالحسن الإحسان، فحذف المصدر وردّه إلى الأصل كما قال الشاعر (?):

فإن يبرأ فلم أنفث عليه ... وإن يهلك فذلك كان قدري

أي: تقديري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015