فأما قوله: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى [النجم/ 26] فالمعنى: لا تغني شفاعتهم أن لو شفعوا، ليس أنّ هناك شفاعة مثبتة، ومثله: وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ/ 23] ومثله: يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا [طه/ 109] فأطلق على المعنى الاسم، وإن لم يحدث كما قال (?):

لما تذكّرت بالدّيرين أرّقني ... صوت الدّجاج وقرع بالنّواقيس

والمعنى: انتظار أصواتها، فأوقع عليه الاسم، ولمّا يكن. فإضافة الشفاعة إليهم كإضافة الصوت إليها. ويدلك على أن المعنى في قوله: لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ ما ذكرنا، الآية التي تقدم ذكرها. وقوله (?): يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ [النبأ/ 38] والشفاعة: كلام.

فأما قوله: إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى [النجم/ 26] فالمعنى: لمن يشاء شفاعته على إضافة المصدر إلى المفعول به، الذي هو مشفوع له، ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فصار اللفظ: لمن يشاؤه. أي يشاء شفاعته، ثم حذف الهاء من الصلة. فأما قوله: ويرضى.

فتقديره: يرضاه (?)، كما أنّ قوله: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى [الأنبياء/ 28] العائد منه إلى الموصول محذوف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015