كالمنافقين الذين يقولون: إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ [البقرة/ 14]. ويقوي ما ذهب إليه هذا المتأول قوله: الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ [الأنبياء/ 49] وقوله: وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ [يس/ 11] وقال الهذلي:

أخالد ما راعيت من ذي قرابة ... فتحفظني بالغيب أو بعض ما تبدي

(?) فالجار والمجرور في موضع حال، أي تحفظني غائبا، ويخشون ربّهم غائبين عن مرآة الناس لا يريدون بإيمانهم تصنعا لأحد، ولا تقربا إليه رجاء المنالة (?)، ولكن يخلصون إيمانهم لله تعالى (?).

ويجوز فيها وجه آخر، وهو أن هذه الآية كأنّها إجمال ما فصل في قوله: وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [البقرة/ 280] والموصوفون فيها خلاف من وصف في قوله:

وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً [النساء/ 136]، فكفرهم بالملائكة ادعاؤهم إياهم بنات، كما وبّخوا في قوله: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ [الزخرف/ 16] وقوله: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً [الزخرف/ 19] وكفرهم بالكتب إنكارهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015