اختلفوا في قوله تعالى: موعدك بملكنا [طه/ 87] في ضم الميم وكسرها وفتحها.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: (بملكنا) بكسر الميم.
وقرأ نافع وعاصم بملكنا بفتح الميم.
وقرأ حمزة والكسائي: (بملكنا) بضم الميم. القطعي عن عبيد عن هارون عن أبي عمرو بملكنا (?).
قال أبو علي: هذه لغات، وزعموا أن الكسر أكثر في القراءة، والفتح لغة فيه، المعنى: ما أخلفنا موعدك بملكنا الصواب، ولكن لخطئنا، فأضاف المصدر إلى الفاعل وحذف المفعول، كما أنه قد يضاف إلى المفعول ويحذف الفاعل في نحو: من دعاء الخير [فصلت/ 49] و (سؤال نعجتك) [ص/ 24].
وأما من قال: ما أخلفنا موعدك بملكنا فإنه لا يخلو من أن يريد به مصدر الملك: أو يكون لغة في مصدر المالك، فإن أريد بالملك مصدر الملك فالمعنى لم يكن لنا ملك فنخلف موعدك لمكان ملكنا، وهذا على هذا التقدير كقوله: لا يسألون الناس إلحافا [البقرة/ 273] أي: ليس منهم مسألة فيكون منهم إلحاف فيها، ليس على أنه أثبت ملكا، كما أنه لم يثبت في قوله: لا يسألون الناس إلحافا مسألة منهم، ومثله قول ابن أحمر:
لا يفزع الأرنب أهوالها ... ولا ترى الضّبّ بها ينجحر