فأمّا قوله: إذا حضر أحدكم الموت [المائدة/ 106] فيجوز أن يتعلّق بالشهادة فيكون معمولها، ولا يجوز أن يتعلّق بالوصية لأمرين: أحدهما أنّ المضاف إليه لا يعمل في ما قبل المضاف، لأنّه لو عمل فيما قبله للزم أن يقدّر وقوعه في موضعه، فإذا قدر ذلك لزم تقديم المضاف إليه على المضاف، ومن ثمّ لم يجز:
القتال زيدا حين نأتي. والآخر: أنّ الوصية مصدر فلا يتعلّق به ما يتقدم عليه، فأما قوله: حين الوصية فلا يجوز أن تحمله على الشهادة، لأنّه إذا عمل في ظرف من الزمان لم يعمل في ظرف آخر منه (?)، ولكن تحمله على ثلاثة أوجه (?)، أحدها: أن تعلّقه بالموت، كأنه الموت من (?) ذلك الحين، وهذا إنّما يكون على ما قرب منه (?). يدلّك على ذلك قوله عزّ وجل (?): حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن [النساء/ 18]، وكذلك قوله: حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا [الأنعام/ 61]، وقوله: حتى إذا
جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون
[المؤمنون/ 99] فلو كان هذا على وقوعه، ولم يكن على مقاربته، لم يجز أن يسند إليه القول بعد الموت. والثاني (?): أن تحمله على حضر، أي: إذا حضر في هذا الحين. والثالث: أن تحمله على البدل من إذا، لأنّ ذلك الزمان في المعنى هو ذلك الزمان، فتبدله منه كما تبدل الشيء