وَمن الدَّلِيل أَيْضا: أَن الله وصف نَفسه بِأَنَّهُ عليم وعالم، وَأثبت لنَفسِهِ الْعلم فَقَالَ عز من قَائِل: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ علمه إِلَّا بِمَا شَاءَ} فَدلَّ سِيَاق هَذَا الْكَلَام أَن الْعَلِيم الَّذِي يكون لَهُ علم، وَلَا يكون عليما إِلَّا وَله علم، كَذَلِك السَّمِيع يجب أَن يكون لَهُ سمع، والبصير يكون لَهُ بصر، فَإِن قَالُوا: السَّمِيع فِي كَلَام الْعَرَب يكون بِمَعْنى المسمع قَالَ الشَّاعِر:

(أَمن رَيْحَانَة الدَّاعِي السَّمِيع ... يؤرقني وأصحابي هجوع)

فالسميع بِمَعْنى المسمع.

قُلْنَا: بل السَّمِيع بِمَعْنى السَّامع. وَإِن قُلْنَا: قد يَجِيء السَّمِيع بِمَعْنى المسمع، وَلكنه نَادِر، والنادر لَا يُقَاس عَلَيْهِ.

وَقد قَالَ الله تَعَالَى فِي قصَّة زَكَرِيَّا: {إِنَّك سميع الدُّعَاء} . وَقَالَ: {وَالله يسمع تحاوركما} .

فَدلَّ عَلَى أَن السَّمِيع بِمَعْنى السَّامع. وَالسَّامِع لَا يكون إِلَّا وَله سمع لِأَن الْفَاعِل لَا يكون إِلَّا وَله فعل، ولان المسمع إِذا لم يكن سَامِعًا، وَلم يكن لَهُ سمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015