أصل الدّين هُوَ الِاتِّبَاع ورددتم عَلَى من يرجع إِلَى الْمَعْقُول، وَيطْلب الدّين من قبله، وَهَذَا خلاف الْكتاب؟ لِأَن الله ذمّ التَّقْلِيد فِي الْقُرْآن، وَندب النَّاس إِلَى النّظر وَالِاسْتِدْلَال، وَالرُّجُوع إِلَى الِاعْتِبَار وَإِنَّمَا ورد السّمع مؤيدا لما يدل عَلَيْهِ الْعقل وَمن تدبر الْقُرْآن، وَنظر فِي مَعَانِيه وجد تَصْدِيق مَا قُلْنَاهُ.

وَالْجَوَاب:

قد دللنا فِيمَا سبق أَن الدّين هُوَ الِاتِّبَاع، وَذكرنَا فِي بَيَانه ودلائله مَا يجد بِهِ الْمُؤمن شِفَاء الصَّدْر، وطمأنينة الْقلب بِحَمْد الله وَمِنْه.

وَأما لفظ التَّقْلِيد فَلَا نعرفه جَاءَ فِي شَيْء من الْأَحَادِيث، وأقوال السّلف فِيمَا يرجع إِلَى الدّين، وَإِنَّمَا ورد الْكتاب وَالسّنة بالاتباع.

وقوله نفس الحجة فكيف يكون هذا قبول قول الغير من غير حجة فإن المسلمين لهم الدلائل السمعية على نبوة رسول الله

وَقد قَالُوا: إِن التَّقْلِيد إِنَّمَا هُوَ: قبُول قَول الْغَيْر من غير حجَّة. وَأهل السّنة إِنَّمَا تبعوا قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَوله: نفس الْحجَّة. فَكيف يكون هَذَا قبُول قَول الْغَيْر من غير حجَّة، فَإِن الْمُسلمين لَهُم الدَّلَائِل السمعية عَلَى نبوة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لما نقل إِلَيْنَا أهل الإتقان والثقات من الروَاة مَا لَا يعد كَثْرَة من المعجزات، والبراهين، والدلالات الَّتِي ظَهرت عَلَيْهِ، وَقد نقلهَا أَصْحَاب الحَدِيث فِي كتبهمْ ودونوها. فَلَمَّا صحت عِنْدهم نبوته، ووجدوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015