وَمن أولى بِالْوَفَاءِ من الله. الْوَعيد حَقه عَلَى الْعباد، قَالَ: لَا تَفعلُوا كَذَا فأعذبكم، فَفَعَلُوا فَإِن شَاءَ عَفا، وَإِن شَاءَ أَخذ لِأَنَّهُ حَقه وأولاهما بربنا تبَارك وَتَعَالَى الْعَفو وَالْكَرم إِنَّه غَفُور رَحِيم.

فحين جاءه تائبا عفا عنه وكان في عفوه دليل أن إطلاقه القول كان باستثناء وإن لم يكن ذلك مسموعا منه لأن ذلك لو لم يكن كذلك كان يؤدي إلى الكذب وحاشى رسول الله

وَمِمَّا يدل عَلَى ذَلِكَ وَيُؤَيِّدهُ، خبر كَعْب بن زُهَيْر حِين أوعده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فحين جَاءَهُ تَائِبًا عَفا عَنهُ، وَكَانَ فِي عَفوه دَلِيل أَن إِطْلَاقه القَوْل كَانَ باستثناء، وَإِن لم يكن ذَلِكَ مسموعا مِنْهُ، لِأَن ذَلِكَ لَو لم يكن كَذَلِك كَانَ يُؤَدِّي إِلَى الْكَذِب، وحاشى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ذَلِكَ. وَفِيه يَقُول كَعْب بن زُهَيْر:

(أنبئت أَن رَسُول الله أوعدني ... وَالْعَفو عِنْد رَسُول الله مأمول)

فَأخْبر أَنه قد أوعد ثمَّ رجا مِنْهُ الْعَفو. وَفِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَن ذَلِكَ لم يكن عِنْد الْعَرَب خلفا، إِذْ كَانَ فِي بَاطِنه اسْتثِْنَاء. وَكَذَلِكَ سَبِيل آي الْوَعيد عندنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015