خلقت عبادي حنفاء فهو والله أعلم إشارة إلى المعرفة الغريزية التي هي مركبة فيهم قال وقد ذكر بعض أهل العلم أن الفطرة ها هنا هي الفطرة الغريزية التي هي موجودة في كل إنسان فإن كل أحد يرجع إلى غريزته عرف خالقه وذلك معنى قوله

وَالدَّلِيل عَلَيْهِ نَص الْقُرْآن وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} . وَقَالَ تَعَالَى: {رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل} .

وَأما قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خلقت عبَادي حنفَاء " فَهُوَ وَالله أعلم، إِشَارَة إِلَى الْمعرفَة الغريزية الَّتِي هِيَ مركبة فيهم.

قَالَ: وَقد ذكر بعض أهل الْعلم أَن الْفطْرَة هَا هُنَا هِيَ الْفطْرَة الغريزية الَّتِي هِيَ مَوْجُودَة فِي كل إِنْسَان. فَإِن كل أحد يرجع إِلَى غريزته عرف خالقه. وَذَلِكَ معنى قَوْله تَعَالَى: {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} وَهَذِه الْمعرفَة هِيَ الْمعرفَة الَّتِي أخبر الله تَعَالَى بوجودها من الْكفَّار، وَذَلِكَ فِي قَوْله: {وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض ليَقُولن الله} وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا الله مُخلصين لَهُ الدّين} فحين ظَهرت لَهُم حَال الضَّرُورَة وانقطعوا عَن أَسبَاب الْخلق، وَلم يبْق لَهُم تعلق بِأحد ظَهرت فيهم الْمعرفَة الغريزية. إِلَّا أَنَّهَا غير نافعة. إِنَّمَا النافعة هِيَ الْمعرفَة الكسبية، إِلَّا أَن الله تَعَالَى فطر النَّاس عَلَى الْمعرفَة الغريزية، وَطلب مِنْهُم الْمعرفَة الكسبية، وعلق الثَّوَاب بهَا وَالْعِقَاب عَلَى تَركهَا.

يدل عَلَى هَذَا مَا رُوِيَ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَمَّن مَاتَ قبل أَن يبلغ فَقَالَ: " الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015