جعلُوا عُقُولهمْ دعاة إِلَى اللَّه ووضعوها مَوضِع الرُّسُل فِيمَا بَينهم، وَلَو قَالَ قَائِل: لَا إِله إِلا اللَّه، عَقْلِي رَسُول اللَّه، لم يكن مستنكرا عِنْد الْمُتَكَلِّمين من جِهَة الْمَعْنى، وَظهر فَسَاد قَول من سلك هَذَا المسلك.

ثُمَّ نقُول وَالله الْهَادِي والموفق: إِن اللَّه تَعَالَى أسس دينه وبناه عَلَى الِاتِّبَاع وَجعل إِدراكه وقبوله بِالْعقلِ، فَمن الدّين مَعْقُول وَغير مَعْقُول، والاتباع فِي جَمِيعه وَاجِب. وَمن أهل السّنة من قَالَ بِلَفْظ آخر، قَالَ إِن اللَّه لَا يعرف بِالْعقلِ، وَلَا يعرف مَعَ عدم الْعقل وَمعنى هَذَا: أَن اللَّه تَعَالَى هُوَ الَّذِي يعرف العَبْد ذَاته فَيعرف اللَّه بِاللَّه لَا بِغَيْرِهِ، لقَوْله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي من يَشَاء} ، وَلم يقل: وَلَكِن الْعقل يهدي من يَشَاء. وَقَالَ تَعَالَى: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} والآيات فِي هَذَا الْمَعْنى كَثِيرَة.

قال والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فهذه الدلائل دلت أن الله تعالى هو المعرف إلا أنه

171 - وَقد ثَبت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالله لَوْلَا اللَّه مَا اهتدينا وَلَا تصدقنا وَلَا صلينَا " فَهَذِهِ الدَّلَائِل دلّت أَن اللَّه تَعَالَى هُوَ الْمُعَرّف إِلا أَنه