بقوله «وَزُلْزِلُوا»: المضيّ، وبقوله «حَتَّى يَقُولَ»: الحال. ومنه قول العرب: قد مرض زيد حتى لا يرجونه. فالمرض قد مضى وهو الآن في هذه الحال». والحجّة لمن نصب: أنه لم يجعل «القول» من سبب قوله: «وَزُلْزِلُوا». ومنه قول العرب: قعدت حتى تغيب الشمس، فليس قعودك سببا لغيبوبة الشمس.
وتلخيص ذلك: أن من رفع الفعل بعد (حتى) كان بمعنى: الماضي، ومن نصبه كان بمعنى: الاستقبال. وأضمرت له عند البصريين مع حتى «أن» لأنها من عوامل الأسماء فأضمروا مع الفعل ما يكون به اسما.
قوله تعالى: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ (?) يقرأ بالباء والثاء. فالحجة لمن قرأ بالباء: قوله بعد ذلك: (وإثمهما أكبر من نفعهما). ولم يقل: أكثر. والحجّة لمن قرأ بالثاء: أنه لما وقع اللفظ على أعداد: وهي الخمرة المشروبة، والميسر، وهو: القمار كانت الثاء في ذلك أولى. ودليله: قوله تعالى: وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ (?)، ولم يقل: أكبر.
قوله تعالى: قُلِ الْعَفْوَ (?). يقرأ بالرفع والنصب. فمن رفع جعل «ذا» (?) منفصلة من (ما) فيكون بمعنى الذي، فكأنه قال: ما الذي ينفقون؟ فقال: الذي ينفقون:
العفو، فترفعه بخبر الابتداء، لأنه جعل الجواب من حيث سألوا. والحجّة لمن نصب: أنه جعل «ماذا» كلمة واحدة، ونصب: العفو: بقوله: ينفقون، كأنه قال قال: ينفقون:
العفو. فإن قيل: فلم بنيت «ما» مع «ذا» ولم تبن «من» معها؟ فقل: لما كانت «ما» عامة لمن يعقل ولما لا يعقل، «وذا» مثلها في الإبهام والعموم بنوهما للمشاركة، ولما اختصت (من) بمن يعقل لم يبنوها مع «ذا» لهذه العلة.
قوله تعالى: حَتَّى يَطْهُرْنَ (?). يقرأ بالتشديد والتخفيف. فالحجّة لمن شدد: أنه طابق بين اللفظين لقوله: «فَإِذا تَطَهَّرْنَ». والحجّة لمن خفف: أنه أراد: حتى ينقطع الدم، لأن ذلك ليس من فعلهن. ثم قال: فإذا تطهرن يعني بالماء. ودليله على ذلك: قول العرب:
طهرت المرأة من الحيض، فهي طاهر.