(8) والناقد الفاضل لم يعترف بقدم النسخ، «لأن الناسخ مجهول أمره، ولأن الخط ليس من الخطوط المتداولة في القرن الخامس الهجري، يعرف هذا بالبداهة من له خبرة بالخطوط، وتطوّراتها، والمقابلة المذكورة لا تفيد أي شيء، ولأن كاتبها مجهول».
أقول:
إن هذا الدليل لا نسلّم للسيد الفاضل بصحته، لأن كثيرا من الكتب المخطوطة لم تظفر بذكر اسم ناسخها، وجهل الناسخ لا يقلل من قيمتها، لأن الدراسة التي تقوم حولها، وتحليل مناهجها وطريقة تأليفها، والتمرس بأسلوب مؤلفها، والخبرة بالعصر الذي نسخت فيه كل ذلك يزيل الغموض عنها، كما فعلت ذلك في دراستي لكتاب الحجة.
على أن كتاب الحجة للفارسي لم تظفر النسخة الأصل التي اعتمد عليها المحققون باسم الناسخ، فهل جهل الناسخ ينفي أنّ كتاب الحجة للفارسي. أليس من التناقض أن أثبت أن كتاب الحجة منسوب للفارسيّ مع جهل الناسخ، وأنفي نسبة كتاب الحجة لابن خالويه لأن الناسخ مجهول؟
أما جهل ناسخ الحجة للفارسي فإليك الدليل:
قال المحققون: «اعتمدنا في تحقيق كتاب الحجة على نسختين، كتبت أولاهما سنة 390 هـ بخطّ النسخ الواضح، وضبطت كلماتها بالشكل ضبطا كاملا وهي في مكتبة بلدية الاسكندرية برقم 3570 ع، وفي دار الكتب المصرية صورة منها برقم 462 قراءات.
وفي خزانة مجمع اللغة العربية مصورة منها كذلك، وقد جعل المحققون هذه النسخة هي الأصل لأنها الأقدم في النسخ، ولم يشيروا إلى اسم الناسخ لأنه غير موجود».
من هذا، يتبيّن أنّ ظاهرة كتابة اسم الناسخ قد تتخلف في كثير من الكتب المخطوطة وليس الجهل بالناسخ ينقص من قدر المخطوط، ويقلل من قيمته، وإلا لما اعترفنا بكتاب الحجّة للفارسيّ، وهو لا يتطرّق إليه الشك.
مع أنّ هذه النسخة كما يقول المحققون كتبت بخطوط مختلفة فقد ذكروا ما نصه:
«ويلاحظ أن خطّ الصفحتين الأولى والثانية مخالف لخط سائر الصفحات في كلّ من الجزء الأول، والثاني، والسابع، وخط الصفحات الأولى والثانية والأخيرة مخالف
لخط سائر صفحات الجزء الثالث، وخط الصفحتين الأوليين والصفحتين الأخيرتين مخالف لخط سائر صفحات الجزء الرابع، وخط الصفحة الأخيرة مخالف لخط سائر