تفضل الأستاذ الكريم محمد العابد الفاسي، الأستاذ بجامعة القرويين بالمغرب بنشر بحث قيّم في مجلة «اللسان العربي»، المجلد الثامن، الجزء الأول ص 521، ينقد فيه توثيقي لكتاب الحجّة، ونسبته إلى ابن خالويه، وقد نشر بحثي في المجلة نفسها، والجزء نفسه ص 502.
وقد أسعدني هذا النّقد، لأن الحقيقة بنت البحث كما يقولون. وقد اقتصر نقده على الفصل الذي كتبته، وأثبت فيه نسبة الكتاب إلى ابن خالويه.
وإني لا أضيق ذرعا بالنّقد البناء، فاحتكاك الأفكار بعضها ببعض ينمّي العلم، ويطوّر المعرفة، ويبعث في الفكر الحركة والحياة.
وكنت أودّ أن أبارك هذه الأدلة التي أوردها النّاقد الفاضل لنفي نسبة الحجة إلى ابن خالويه، وأضع يدي في يده مسلّما له بكلّ ما قال، ولكن الحقيقة التي دفعته إلى أن يكتب هذا النقد هي الحقيقة نفسها التي دفعتني إلى أن أنقد هذا النقد، لأنه قائم على أدلة لم تقتنع بها نفسي، وأنا طالب معرفة، فإذا اقتنعت آمنت وسلّمت، وإذا لم أقتنع لا ألوذ بالصمت أو بالصّبر فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس.
عليّ إذن أن أبيّن السبب في عدم اقتناعي من غير أن أسمح للحظوظ النفسية أن تتدخّل في هذه المناقشة، لأن الحقيقة العلمية أكبر منّي، ومن أخي الأستاذ العابد.
وقبل مناقشة أدلة سيادته أحب أن أشير هنا إلى أن بعض المعاصرين الذين شكّوا في نسبة هذا الكتاب إلى ابن خالويه فريق من أصدقائي ناقشوني مشافهة في هذه النسبة، وكل أدلتهم تنحصر في أن كتب الطبقات لم تشر إلى ذلك، ولم يقدّم لنا هؤلاء الزملاء دراسة مفصلة منشورة في نفي هذه النسبة، وليست هناك دراسة لابن خالويه، ولكتابه الحجة تضمّها المكتبة العربية في الشرق أو في الغرب غير الدّراسة التي قمت بها، وغير هذا التعليق