اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (?)، وكقوله: فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (?)، فالمكر من الله والاستهزاء والمحبة على غير ما هي من الخلق وبخلافها، فكذلك العجب منه بخلاف ما هو من المخلوقين، لأنها منه على طريق المجازاة بأفعالهم وإتيان اللفظ مردودا على اللفظ. والحجة لمن فتح:
أنه جعل التاء للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومعناه: بل عجبت يا محمد من وحي الله إليك، وهم يسخرون.
قوله تعالى: وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (?) يقرأ هاهنا وفي الواقعة (?) بكسر الزّاي وفتحها. فالحجة لمن قرأه بالكسر: أنه أراد: لا ينفد شرابهم. والحجة لمن فتح: أنه أراد: لا تزول عقولهم إذا شربوها بالسّكر. وفرّق (عاصم) بينهما فقرأها هنا بالفتح، وفي (الواقعة) بالكسر فقيل: إنه جمع بين اللغتين ليعلم بجوازهما. وفرّق بعضهم بين ذلك
فقال: إنما فتح هاهنا لقوله: لا فِيها غَوْلٌ (?) وهو كلّ ما اغتال الإنسان فأهلكه وذهب بعقله. وكسر في الواقعة لأن الله تعالى وصف الجنة، وفاكهتها وجعل شرابها من معين، والمعين لا ينفد، فكان ذهاب العقل في (الصافات) أشبه، ونفاد الشراب في (الواقعة) أشكل.
قوله تعالى: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (?). إجماع القراء على فتح الياء إلّا ما قرأه (حمزة) من ضمها. فمن فتح، أخذه من: زفّ يزفّ. ومن ضم أخذه من: أزفّ يزف. وهما لغتان معناهما: الإسراع في المشي.
قوله تعالى: ماذا تَرى (?) يقرأ بفتح التاء، وإمالة الراء، وتفخيمها. وبضم التاء وكسر الراء بياء الإمالة فالحجة لمن فتح التاء: أنه أراد به: معنى الرّويّة، والرأي.
وقد ذكر وجه الإمالة والتفخيم فيما سلف. والحجة لمن ضمّ وكسر الراء: أنه أراد به المشورة، والأصل فيه: (ترائي) فنقل كسرة الهمزة إلى الرّاء، وحذف الهمزة لسكونها