و (لا) كما كانت (لولا) مركبة من (لو) و (لا).
وقال غيره: هو منصوب بفعل مضمر معناه: (استثنى) قليلا منهم. وهذا احتجاج فيه بعض الوهن لأنه يدخل عليه ما يفسده.
والاختيار في هذا: أنه ردّ لفظ النفي على ما كان في الإيجاب. كأن قائلا قال: قد فعلوه إلا قليلا منهم، فردّ عليه لفظه مجحودا فقال: ما فعلوه إلا قليلا منهم، كما يقول: قد قام زيد، فيرد عليك: ما قام زيد، فهذا وجه قريب.
ووجه ثان: أنك إذا قلت: ما قام أحد إلا زيد أبدلت زيدا من أحد فرفعته فكأنك قلت: ما قام إلّا زيد ولم تأت (بأحد). فإن لم تقدر البدل في كلامك، وجعلت قولك:
ما قام أحد كلاما تاما، لا تنوي فيه الإبدال من أحد، ثم استثنيت على هذا نصبت فقلت:
ما قام أحد إلا زيدا. فعلى هذا تصح قراءة ابن عامر بالنصب، كأنه قال: ما فعلوه على تمام الكلام، وترك تقدير البدل فيه. ثم قال بعد ذلك: إلّا قليلا منهم. فهذا وجه صحيح.
وما قبله ليس بخارج عنه.
قوله تعالى: كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ (?). يقرأ بالياء والتاء. وقد قلنا فيمن قرأه وما أشبهه بالياء: أنه أقام الفصل مقام علامة التأنيث، أو أن تأنيثه ليس بحقيقي، أو أن المودّة والودّ بمعنى. وأن من قرأه بالتاء أتى بالكلام على ما أوجبه له من لفظ التأنيث.
قوله تعالى: وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (?). يقرأ بالتاء والياء، فالتاء جامعة للخطاب والغيبة يريد بذلك: أنتم وهم. والياء لمعنى الغيبة فقط. وقيل في الفتيل: هو ما كان في شقّ
النواة، وقيل: ما قتلته بين أصابعك من الوسخ. والنقير: نقطة في ظهرها (?). والقطمير:
غشاوتها (?). وقيل: قمعها.
قوله تعالى: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ (?). يقرأ بالإدغام والإظهار. فالحجة لمن أدغم:
مقاربة التاء من الصاد، لأن السكون في تاء التأنيث بنية، فلما كان السكون لها لازما كان إدغامها واجبا. والحجة لمن أظهر: أنه أتى بالكلام على ما يجب في الأصل من البيان.