وهما لغتان فصيحتان. والتشديد (?) أكثر. والتخفيف (?) حسن مستعمل.
فإن قيل: لم خالف أبو عمرو أصله، فخفف قوله: ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ (?)؟
فقل: إن أبا عمرو فرّق بين البشارة والنضارة، فما صحبته الباء (?) شدّد فيه، لأنه من البشرى، وما سقطت منه الباء خففه (?)، لأنه من الحسن والنّضرة، وهذا من أدل الدليل على معرفته بتصاريف الكلام، غير أن التخفيف لا يقع إلّا فيما سرّ. والتشديد يقع فيما سرّ وضرّ.
فإن قيل: فما وجه قوله تعالى: وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ؟ (?) فقل: كلّ فعل جاز فيه فعل وفعّل اعترض بينهما أفعل.
قوله تعالى: وَيُعَلِّمُهُ (?) يقرأ بالنون والياء. فالحجّة لمن قرأه بالنون: أنه جعله من إخبار الله تعالى عن نفسه عاطفا به على قوله: «نُوحِيهِ إِلَيْكَ».
فإن قيل: فالنون إخبار عن الجماعة، فقل: هذه النون لا يخبر بها عن نفسه إلّا ذو الممالك والأتباع، لأن من تحويه يده لا يخرج عن أمره، فكان إخباره بالنون عن نفسه وعنهم. والحجّة لمن قرأ بالياء: أنه من أخبار الملك عن الله عز وجل بما يفعله به عطفا على قوله: كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ (?).
قوله تعالى: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ (?). يقرأ بكسر همزة (إنّ)، وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه أضمر القول، يريد (ورسولا) يقول: إني، أو يبتدئها مستأنفا من غير إضمار. والحجة لمن فتح: أنه جعلها بدلا من قوله: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ (?).