قصة آدم وحواء وما فيها من عفاف الفطرة والطبع

مع أنَّ المؤدَّى واحدٌ؛ لكنَّ نَزْعَ الإنسانِ بنَفْسِه يُصاحِبُه نزعُ هيبةِ العفافِ مِن النفسِ والفطرةِ؛ فإنَّ كَسْرَ الحياءِ والعفافِ حينئذٍ يكونُ بالاختيارِ؛ ومَن جَرَّبَه مرةً، تساهَلَ به أخرَى في حالةٍ أقلَّ حاجةً.

وقد فطَرَ اللهُ آدمَ وحواءَ -وهُما أوَّلُ البَشَرِ- على العفافِ والسترِ، فلمَّا أكَلَا مِن الشجرةِ، وسقطَ عنهما لباسُهما، دعاهم داعي الفطرةِ والطبعِ الذي خُلِقُوا عليه، إلى رَدَّةِ فعلٍ؛ طلباً للسترِ؛ فأخذَا يَجْمَعانِ الورَقَ ويؤلِّفانِه بعضَه إلى بعضٍ؛ ليستُرَ عوراتِهما، وفي ذلك قال اللهُ: {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22].

والسُّنَّةُ الكونيةُ: أنَّ العفافَ إن نُزِعَ أوَّلُه، تتابَعَ وتساقَطَ، ومنه حجابُ المرأةِ، إنْ سقطَ أوَّلُه، تداعَى إلى آخِرِه، وهذا مشاهَدٌ في كلِّ المجتمعاتِ والشعوبِ، حتى أصبَحَ في كثيرٍ منها عادةً معاكِسةً للفطرةِ الصحيحةِ.

الإنسان يمكن أن يتطبع ويألف ما يخالف بعض الفطرة

والإنسانُ يمكِنُ أن يتطبَّعَ ويألَفَ ما يُخالِفُ بعضَ الفطرةِ، وإنما يحتاجُ إلى كثرةِ مخالَطةٍ ومشاهَدةٍ ومجاوَرةٍ، وتدرُّجٍ بذلك مع صَبْرٍ حتى يتشرَّبَها كتشَرُّبِ الإسفنْجِ للماءِ، فيستطيعَ الإنسانُ أن يُجاوِرَ أنتَنَ الروائحِ وأكرَهَها؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015