الحمدُ لله الذي أنزَلَ القرآنْ، وأحسَنَ فطرةَ الإنسانْ، وأكرَمَه بالإيمانْ، وطبَعَهُ على معرفةِ الحقِّ مِن الباطِلِ، وتمييزِ الخيرِ مِن السرِّ، وأُصَلِّي وأُسَلِّمُ على النبيِّ الأمينِ محمَّدِ بنِ عبدِ الله، وعلى آلِهِ وصحبِه، ومَنِ اتَّبَع ..

أمَّا بعدُ:

جاءت الشرائع السماوية بأصلين عظيمين

فإنَّ الذي أنزَلَ الشرعَ هو الذي خلَقَ الطبعَ، وجعَلَ طبائعَ الإنسانِ الصحيحةَ التي لم تتبدَّلْ تتوافقُ كتوافُقِ كَفَّيِ الرَّجُلِ الواحدِ، وتتطابقُ الفطرةُ الصحيحةُ والشريعةُ المنزَّلةُ كتطابُقِ أسنانِ التُّرْسِ حينما يُقابِلُ مِثْلَه، فيَدُورانِ بانتظامٍ لا ينتَهِي حتى يختلَّ أحدُهما؛ ولهذا جاءَتِ الشرائعُ السماويةُ بأصلَيْنِ عظيمَيْنِ:

أوَّلُهما: امتثالُ الأمرِ وحفظُه؛ {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الكهف: 27]، وقال: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام: 115].

ثانيهما: التحذيرُ مِن تغييرِ الطبعِ الفِطْرِيِّ الصحيحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015