ولا يَتصوَّرُ الناسُ ذلك اليومَ؛ لانعدامِ الإماءِ، وكثرةِ خروجِ الحرائرِ كما تخرُجُ الإماءُ سابقاً، فيَحْمِلُون كلامَ الفقهاءِ في فقهِ الإماءِ ورُخَصِهِنَّ، على فقهِ الحرائِرِ.

والأئمةُ الثلاثةُ -مالكٌ وأبو حنيفةَ والشافعيُّ- يقولون بسَتْرِ المرأةِ الحُرَّةِ لوجهِها لأجلِ نظرِ الرجالِ، وإن لم يقولُوا بأنَّه عورةٌ كأحمَدَ، ومَن نَظَرَ في كلامِهِم وكلامِ أصحابِهم وسياقاتِه ومناسباتِه، وجدَ ذلك بيِّناً:

مذهب مالك

أما مالكُ بنُ أنَسٍ: فهو يرى أنَّ الوجهَ والكفَّيْنِ يُستَرَانِ لأجلِ النظرِ لا لكونِهما عورةً، وهذا ما يُقَرِّرُه عنه أصحابُه، فهو يقولُ بالغايةِ ويختلِفُ في التعليلِ، فهو يأمُرُ بتغطيةِ الوجهِ عندَ وجودِ الناظِرِ، وُيجيزُهُ عند عدَمِه؛ قال ابنُ القَطَّانِ: «ويحتَمِلُ عندي أنْ يقالَ: إنَّ مذهَبَ مالِكٍ هو أنَّ نظرَ الرجلِ إلى وجهِ المرأةِ الأجنبيَّةِ لا يجوزُ إلا مِن ضرورةٍ ... والجوازُ للبُدُوِّ، وتحريمُه مُرَتَّبٌ عندَه -أي: مالِكٍ- على جوازِ النظرِ، أو تحريمِه، فكلُّ موضعٍ له فيه جوازُ النظر، فيه إجازةُ البُدُوِّ» (?). انتهى.

وهكذا يقولُ أبو العباسِ الوَنْشَرِيسِيُّ المالكيُّ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015