الحمدُ لله ربِّ العالمين، الذي أقامَ الشريعةَ وقوَّمَ الفِطْرةَ وأحسَنَ الخِلْقة، والصلاةُ والسلامُ على النبيِّ الأمين، سيِّد المرسَلِين، وعلى آلِه وصحبِه ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ..
أما بعد:
فإنَّ مسألةَ الحجابِ ولباسِ المرأة عند الأجانبِ مِن المسائل الجَلِيّة، ولم تَحْتَجْ على مَرِّ قرونِ الإسلامِ إلى فقيهٍ يُصنِّفُ فيها مؤلَّفاً مفرَداً، ولم يكن أئمةُ المذاهبِ الأربعةِ يُفردونها بفُصولٍ، وإنما تَرِدُ في كلامِهم استطراداً وتَبَعاً لغيرِها؛ لوضوحِ حكمِها وجلائِه.
وكانت أدلةُ الحجابِ واللباسِ توضَعُ في موضِعِها الذي أُنزلت فيه، وتَجْرِي على العملِ الذي كان الصحابةُ وأتباعُهم عليه، حتى جاء القرنُ الرابعَ عشَرَ والخامِسَ عشَرَ للهجرة، واحتُلَّ أكثَرُ بُلدانِ الإسلام عقوداً، وتأثَّرت كثيرٌ مِن الأفهام والعقولِ بالمشاهَدةِ والمخالَطةِ؛ فأُخذت أدلةٌ