وقال البيهقيُّ في «معرفة السُّنَنِ والآثار»، لَمَّا ذكَرَ قولَ الشافعيِّ في جوازِ النظرِ لوجهِ المخطوبةِ وكَفِّها؛ لأنهما ليسَا بعورةٍ، قال: «وأمَّا النَّظَرُ -بغيرِ سببٍ مُبِيحٍ- لغيرِ مَحْرَمٍ، فالمنعُ منه ثابتٌ بآيةِ الحجابِ، ولا يجوزُ لهنَّ أن يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا للمذكُورِينَ في الآيةِ مِن ذَوِي المحارمِ» (?).

وهكذا قال السُّبْكِيُّ: «الأقرَبُ إلى صنيعِ الأصحابِ: أنَّ وجهَها وكفَّيْها عورةٌ في النظرِ، لا في الصلاةِ» (?). انتهى.

ولهذا كان مذهبُ مالكٍ تحريمَ كشفِ المرأةِ لوجهِها عند وجودِ مَن ينظُرُ إليها في طريقِها، وجوازَه عندَ عدمِ وجودِ الناظِرِ؛ لأنَّه يفرِّقُ بين عورةِ السترِ وعورةِ النظرِ؛ قال ابنُ القَطَّانِ: «ويحتَمِلُ عندي أن يقالَ: إنَّ مذهبَ مالكٍ هو أنَّ نظَرَ الرجلِ إلى وجهِ المرأةِ الأجنبيَّةِ لا يجوزُ إلا مِن ضرورةٍ ... والجوازُ للبُدُوِّ وتحريمُه مُرَتَّبٌ عندَه -أي: مالكٍ- على جوازِ النظرِ، أو تحريمِه؛ فكلُّ موضعٍ له فيه جوازُ النظر، فيه إجازةُ البُدُوِّ» (?). انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015