سورةِ النورِ فيراهم ينقُلُون كلامَ السلفِ في الزينةِ الظاهرةِ بإجمالٍ، ثم يُعَلِّقُ أولئك الأئمةُ في سورةِ النور، ويَنُصُّون على جوازِ كشفِ المرأةِ لوجهِها وكَفَّيْها، ولو نظَرُوا في كلامِهم في سورةِ الأحزابِ، لوجَدُوا أنَّهم يمنَعُون، وليس هذا اضطراباً، ولا قولَيْن؛ فالمؤلِّفُ واحدٌ، والكتابُ واحدٌ، وإنَّما لأنَّهم يَرَوْنَ تقدُّمَ آيةِ الحجابِ مِن سورةِ النورِ على آيةِ الحجابِ مِن سورةِ الأحزابِ، فيُفَسِّرُون كلَّ موضِع بحسبِ ما فَهِمُوه في موضِعِه، ويجعَلُون فرضَ الحجابِ متدرِّجاً.
ومَن جَهِلَ المتقدِّمَ والمتأخِّرَ مِن السُّوَرِ عندَ الأئمةِ، لم يفهَمْ مقاصدَ القرآنِ وأحكامَ المفسِّرِينَ مِن السلَفِ، قال ابنُ جريرٍ الطبريُّ في سورةِ الأحزابِ: «لا يتشَبَّهْنَ بالإماءِ في لباسِهِنَّ إذا هُنَّ خرَجْنَ مِن بيوتِهنَّ لحاجَتِهِنَّ، فكشَفْنَ شعورَهن ووجوهَهُن، ولكنْ لِيُدْنِينَ عليهن مِن جلابيبهن» (?)، وذكَرَ تفسيرَ السلفِ لتغطيةِ الوجهِ بالجلابيبِ، وهكذا فسَّر آيةَ القواعدِ في سورةِ الأحزابِ (?)، وقولُه في سورةِ النُّورِ بأنَّ المرأةَ تُبْدِي وجهَها (?)، يحكِي